افتتح صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، مع بداية العام الجامعي الدراسي المقبل دار المخطوطات الإسلامية في الجامعة القاسمية، التي شيدت على طراز إسلامي مميز، وبلغت تكلفة إنشائها وتجهيزها نحو 70 مليون درهم، وتقع على مساحة تصل إلى قرابة ثلاثة آلاف متر مربع، وتضم 1500 مخطوطة أصلية نادرة من مقتنيات سموه الخاصة، وذلك كدفعة أولى، ستتبعها دفعات إضافية مستقبلاً.

كشف عن ذلك الدكتور رشاد سالم مدير الجامعة القاسمية قائلاً، إن الجامعة تحظى برعاية خاصة من سموه، وتعتبر دار المخطوطات صرحاً فكرياً، ومنارة ثقافية في المنطقة ككل، تربط الماضي بالحاضر، وأنشئت بتوجيهات سموه، للاهتمام بالمخطوطات، وأهداها سموه من مكتبته الخاصة أربع مجموعات من المخطوطات الإسلامية الأصلية النادرة، تمهيداً لإهدائها المزيد مستقبلاً، فيما تم ربط الدار بالشبكة الرئيسية للجامعة القاسمية.

وأضاف أن المجموعات الأربع تضم 1500 مخطوطة، تتنوع موضوعاتها ما بين كتب في الفقه، والحديث، والتفسير، واللغة العربية، وعلوم الفلك، والرياضيات، والطب، والصيدلة، إلى جانب مصاحف مخطوطة أصلية نادرة، منها جزء من مصحف نادر مكتوب على جلد الغزال «الرق»، تم نسخه في القرن الخامس الهجري قبيل ألف عام.

عن مكونات الدار، قال سعيد المعداوي المشرف عليها، إنه تم إنشاؤها وتجهيزها على مدار العامين الماضيين تحت إشراف دائرة الأشغال العامة في الشارقة، وتتكون من طابقين، يحتوي الطابق الأرضي على مجلس لصاحب السمو حاكم الشارقة رئيس الجامعة، ولاستقبال الضيوف، ومسرح لإقامة الندوات، والدورات العلمية المتخصصة، إلى جانب الأقسام الفنية، منها قاعة لحفظ المخطوطات مزودة بإضاءة مناسبة، ومجهزة بنظام إطفاء حريق خاص بالكتب النادرة، وخزائن حفظ أوتوماتيكية، مقاومة لدرجات الحرارة العالية، ومدهونة بطبقة مضادة للبكتريا، والفطريات، ونظام آمان رقمي، بالإضافة إلى وجود مختبر لصيانة المخطوطات، يتضمن معالجتها كيميائياً، وترميمها، فضلاً عن التنظيف الجاف والميكانيكي لها.

ويوجد في الطابق الأرضي أيضاً مختبر لتجليد المخطوطات، ومعمل تصوير رقمي، يحتوي على 4 أجهزة مسح ضوئي، من أحدث الموديلات العالمية، إلى جانب وجود قاعة تحتوي على جهاز لتعقيم المخطوطات باستخدام غاز الأوزون يعد الأحدث في العالم، علاوة على وجود قاعة للفهرسة والتصنيف، ستضم عدد 2 مفهرسين، وأجهزة حاسب آلي، فيما سيتم عرض نماذج من أنفس وأندر المخطوطات في البهو الرئيسي للدار.

وواصل: وفي الطابق الأول توجد قاعتان إحداهما للباحثين والأخرى للباحثات، خصصتا للاطلاع على المخطوطات الرقمية على شاشات عرض، إلى جانب قاعتين أخريين لإطلاع طلاب الدراسات العليا «الماجستير والدكتوراه»، على المخطوطات الأصلية، تحت رقابة أمين القاعة، ووفق شروط وضوابط خاصة، تحول دون إتلافها، أو الإضرار بها، كما توجد قاعة لحفظ الكتب المطبوعة النادرة، التي تعد من أوائل الطبعات في العالم كله، فضلاً عن قاعة أخرى لحفظ المجلات والدوريات، إلى جانب وجود معرض دائم لأنفس وأندر المخطوطات، علاوة على مكتب رئيس الجامعة، ومدير الجامعة، ومكاتب للموظفين، ومبدئياً ستفتح الدار أبوابها من الساعة الثامنة صباحاً حتى العاشرة مساءً لخدمة الباحثين والطلاب والزوار.

وعن مراحل العمل في المخطوطات، أوضح المعداوي أنه يتم تسجيلها في البداية، ووصف الحالة المادية لكل منها بالتفصيل، ومن ثم يتم تعقيمها داخل جهاز التعقيم بغاز الأوزون، يلي ذلك التنظيف الجاف للمخطوطات، فتصويرها رقمياً «السحب الرقمي»، تتبع ذلك المعالجة الكيميائية للإصابات الموجودة فيها، بإزالة الحموضة، والبقع بأنواعها، وأي بقايا على أوراقها، تأتي عقب ذلك مرحلة الترميم بإجراء العمليات المختلفة المتعلقة بذلك، من سد الثقوب التي سببتها حشرة «الأرضة»، وبعض الحشرات الأخرى كالسمك الفضي، والدود وقمل الورق، ثم يتم ترميم الشقوق، والتمزقات التي في الأوراق نتيجة سوء الاستخدام، ويجرى عمل تغليف حراري لأوراق المخطوطات المتهالكة نتيجة الحموضة العالية، تليها مرحلة تجليد المخطوطات باستخدام الجلود الطبيعية، ومن ثم تأتي المرحلة الأخيرة بحفظها في القاعات الخاصة بها، إلى جانب إجراء فهرسة وصفية مطولة لكل مخطوطة، تمهيداً لإصدار ونشر فهرس مخطوطات الجامعة القاسمية المطبوع والرقمي.

وذكر المعداوي أن الدار تضم أجهزة في الحماية والحفظ من الأحدث في النظم العالمية، منها ما يتحكم في الرطوبة والحرارة للحفاظ على المخطوطات، وحمايتها من الحرائق، فضلاً عن أجهزة متطورة في التعقيم، والترميم، والفهرسة، والمسح الضوئي، وشبكة متكاملة من أجهزة الحاسبات الآلية الحديثة، ومنظومة اتصالات متقدمة في التواصل مع أفرع الجامعة بالكامل.